“الصحافة والصدمات” سلسلة من خمسة أجزاء أعدّتها مراسلون بلا حدود حول تأثير الصدمات النفسية على الصحفيين، حيث تُقدِّم هذه المقالة الثالثة إرشادات من خبراء الصحة النفسية حول كيفية تقييم الصحفيين لحالتهم العاطفية بعد المرور بتجارب مؤلمة، مع تسليط الضوء على أربع خطوات أساسية لإدارة الصدمات ذات الصلة.
ينطوي العمل الإخباري أحياناً على تغطية أحداث جارية في بيئات عالية التوتر والاطلاع على أخبار مؤلمة وصور مروعة والاضطلاع بمهام خطرة في الخطوط الأمامية، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى صدمات نفسية طويلة الأمد للصحفيين، الذين يجب عليهم ألا يشعروا بالخجل حيال ذلك، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه وضع يمكن التعامل معه إذا ظلّوا على وعي بصحتهم النفسية.
وفي هذا الصدد، يتعين على الصحفيين أن يراقبوا أنفسهم تحسباً لظهور أي من ردود الفعل الشائعة التي تندرج في إطار اضطراب ما بعد الصدمة، مثل استحضار الذكريات بشكل متكرّر، والشعور بالحزن أو الإحباط، أو الإحساس بالقلق أو الذعر أو العصبية أو الخَدَر العاطفي. فعندما يبدأ الضغط النفسي في تعطيل الأنشطة اليومية، ينبغي التراجع عن المهام المهنية والتفكير في أخذ إجازة إن أمكن. وفيما يلي أربع خطوات أساسية يُوصى باتباعها في هذا الصدد:
1- الراحة والانخراط في أنشطة تبعث على الاسترخاء
تُعتبر الراحة ضرورية للتعافي من الصدمات، إذ توفّر فوائد كبيرة لا يمكن الاستهانة بها. وفي هذا الصدد، يُوصى بأن يأخذ الصحفيون فترات راحة حقيقية من العمل، لا لمجرّد التوقف عن أداء المهام، بل للابتعاد عنها فعلياً والانخراط في هوايات أو أنشطة يجدونها ممتعة ومسلية وباعثة على الاسترخاء. كما أنّ ممارسة نشاط بدني منتظم، بما يتناسب مع هوايات كل فرد وقدرته، يُعَدّ عنصراً أساسياً لتخفيف التوتر والضغط النفسي من جهة، وتعزيز الصحة النفسية من جهة أخرى.
2 – تقييم الصدمات ومعالجتها بدعم من جهات متخصِّصة
لا تزول الصدمات فقط بمرور الوقت؛ فإذا لم تُعالج قد تستمر وتعاود الظهور عند مواجهة مواقف مُعيَّنة في وقت لاحق، الأمر الذي من شأنه أن يقوض الصحة النفسية تدريجياً. فبعد أخذ فترة من الراحة، يُوصى بأن يُعيد الصحفيون تقييم تجاربهم مع الصدمات بدقة وعلى نحو مضبوط، ومن الأفضل أن يتم هذا التقييم بمساعدة مستشار نفسي أو صديق موثوق به، لاستكشاف التأثيرات النفسية والعاطفية والجسدية التي خلّفتها الأحداث الصادمة. وللاطِّلاع على رؤى وإضاءات إضافية حول كيفية التعامل مع ردود الفعل الحادة تجاه الضغط النفسي، ندعوكم لقراءة هذه المقالة المفصلة عن الموضوع.
3 – إعادة بناء الروابط وتأسيس روتين صحي
تُعَدّ العزلة من النتائج الشائعة للصدمة، وقد تُهيمن أعراضها على حياة الفرد وتُعيق قدرته على الثقة بالآخرين أو الشعور بالأريحية معهم. ولذا فإنه من المهم اتخاذ خطوات صغيرة وعملية لإعادة التواصل مع الآخرين، حيث يمكن البدء بأنشطة بسيطة مثل ترتيب مساحة في المنزل مع صديق أو صديقة، أو اكتشاف مطعم جديد، بما يساعد على استرجاع الإحساس بالترابط الاجتماعي.
4 – بناء المرونة النفسية
من المهم ممارسة التأمل الواعي (mindfulness) وغير ذلك من أساليب بناء المرونة النفسية. وإذا استمرت الأعراض، يُوصى بالحصول على استشارة مهنية إضافية، كما ينبغي للصحفيين الاستفادة من الموارد الخاصة بالصحة النفسية التي قد توفّرها مؤسساتهم الإعلامية. وتبقى موارد أخرى متاحة عبر خدمات من قبيل Find A Helpline ، التي تُقدّم فهارس بحثية عن خطوط المساعدة الخاصة بالصحة النفسية والوقاية من الانتحار حول العالم، والمُخصَّصة لدعم الأشخاص الذين يواجهون مشكلات نفسية كالصدمات العاطفية والاكتئاب والقلق والتوتر والإدمان وإيذاء النفس والحزن.
نبذة عن الكُتّاب:
- تشين تشان، بكالوريوس في علم النفس، ماجستير في الصحة السلوكية. عملت صحفية في بادئ الأمر، ثم انخرطت بعد ذلك في مجال حقوق الإنسان والتنمية.
- آنسل لام، ماجستير في الصحة السلوكية، مدرب تنفيذي مُعتمَد. يشتغل في مجال الصحة العامة، كما أنه منخرط في مجال حقوق الإنسان والعمل التدريبي.
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 1: الأعباء الشخصية للتغطية الإعلامية
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 2: التحديات النفسية وكيفية التعرّف عليها
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 4: الصدمة الجماعية وأثرها على إعادة تشكيل الهويّات
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 5: إجراء مقابلات مع الناجين من أحداث صادمة