تختلف القوانين المتعلقة بحرية التعبير والأنشطة عبر الإنترنت من بلد إلى آخر، ولا تتوافق بالضرورة مع المعايير الدولية. وفيما يلي، تستعرض مراسلون بلا حدود خمسة جوانب قانونية ينبغي أن يضعها الصحفيون في اعتبارهم عند التواصل عبر الإنترنت.
أصبح الصحفيون يستخدمون الإنترنت باستمرار في عملهم اليومي، سواء في الأنظمة الديمقراطية أو في الدول السلطوية، علماً أن القوانين المتعلقة بحرية التعبير والخصوصية والأنشطة الرقمية تختلف باختلاف البلدان، ولا تتماشى بالضرورة مع المعايير الدولية، بل وإن بعض الحكومات تستغل القانون أحياناً لاستهداف الصحفيين. وفيما يلي خمسة جوانب قانونية ينبغي وضعها في الحسبان قبل استخدام أدوات التواصل أو التصفّح عبر الشبكة:
1) القوانين “الصارمة” تتفوق على التشريعات “المرنة” فيما يتعلق بحرية التعبير
الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير مكفولان بموجب أحكام المادتين 12 و19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي وقّعت عليه 192 دولة، متعهدة باحترام هاذين الحقين وجعلهما معياراً دولياً. ومع ذلك، فإنهما لا يُحترَمان في العديد من البلدان، إذ يُعتبر الإعلان العالمي قانوناً “مرناً”، وبالتالي لا يمكن الاحتكام إليه أمام المحاكم الوطنية، على عكس القوانين “الصارمة” التي تفرضها الحكومات. كما أنّ كثيراً من الدول أقرّت قوانين تقيّد الحق في الخصوصية والحق في حرية التعبير بذريعة “مكافحة الجريمة” أو “حماية الآخرين” أو “حماية الأمن القومي”، ولذا يُوصى بأن يكون الصحفيون على دراية بتفاصيل هذه القوانين وكيفية تطبيقها في البلدان التي يعملون على أراضيها.
2) الرصد المستهدَف والجماعي غالباً ما يكون قانونياً
يعني الرصد المستهدَف أن تقوم سلطة ما بمتابعة شخص محدّد تشتبه فيه، ومن ثم جمع معلومات قد تُستخدم ضده، بينما يُقصد بالرصد الجماعي جمع بيانات شاملة من الجمهور بهدف البحث لاحقاً عن أنماط سلوك مريبة، وغالباً ما تكون هاتان الصيغتان من المراقبة قانونيتين. ولذا فمن المهم أن يعي الصحفيون الطبيعة القانونية لكل منهما وكيفية استخدامها ضدهم عند تقييم المخاطر في البلد حيث يعملون.
3) قد تكون المواقع مُلزَمة قانوناً بتسليم بيانات المستخدمين للحكومات
تقوم شركات توريد خدمة الإنترنت (ISP) ومنصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة ومواقع الويب بجمع بيانات مستخدميها، وقد تكون هذه الشركات مُلزَمة قانوناً بتسليم تلك البيانات للحكومات. فحتى اليوم، لا توضح القوانين الوطنية ولا شروط استخدام المواقع والتطبيقات بشكل صريح طبيعة الاتفاقيات المبرمة بين هذه الشركات والحكومات الوطنية. لذا يُنصَح الصحفيون بالتحري حول هذه السياسات وأخذها بعين الاعتبار عند استخدام هذه المنصات.
4) القوانين التي لا تتعلق بالمجال الرقمي غالباً ما تُطبَّق على فضاء الإنترنت
رغم أن الإنترنت يتطور بسرعة ولا تغطيه التشريعات بشكل كامل، فإن معظم الحكومات تعتبر أن القوانين التي لا تتعلق مباشرة بالمجال الرقمي سارية أيضاً على فضاء الإنترنت، علماً أن ما يختلف أحياناً من بلد إلى آخر هو ما يُصنَّف على أنه نشاط إجرامي. ذلك أن بعض الدول تعتبر مجرد استخدام أدوات مثل الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) أو أدوات التشفير جريمة يُعاقَب عليها بموجب القانون. ولذا فمن المهم أن يطّلع الصحفيون دائماً على الأدوات الرقمية التي قد تندرج ضمن خانة الأدوات غير القانونية في بلدانهم، وأن يُقيّموا ما إذا كانت فوائد استخدامها تبرّر المخاطر المترتبة.
5) التشفير والقدرة على إخفاء الهوية ليسا من الحقوق المضمونة
في عام 2015، رفع المقرر الخاص للأمم المتحدة ديفيد كاي تقريراً إلى مجلس حقوق الإنسان أكد فيه أنّ إخفاء الهوية واستخدام أدوات التشفير ينبغي أن يُعترف بهما باعتبارهما من الحقوق المحمية. ومع ذلك، لم يُسن أي قانون بهذا الخصوص حتى الآن، إذ يمكن للدول أن تحظر استخدام أدوات إخفاء الهوية، وبالتالي قد يتعرّض الصحفيون للملاحقة أو الاستهداف لمجرد الاستعانة بها في عملهم.