“الصحافة والصدمات” سلسلة من خمسة أجزاء أعدّتها مراسلون بلا حدود حول تأثير الصدمات النفسية على الصحفيين، حيث تتطرق هذه المقالة الثانية لأعراض الصدمة النفسية وآثارها على القدرات المهنية.
خلال عام 1998، قدّم أحد الصحفيين الذين غطّوا حادث تحطُّم طائرة الخطوط الجوية الصينية (الرحلة 676) في تايوان رواية مروعة لشبكة التلفزيون الصينية، جاء فيها: “في المشهد الأول، كانت العديد من الجثث قد تناثرت في الهواء إلى أشلاء. لم أتمكّن من التمييز ما إذا كنتُ أدوس بقدمي طيناً أم بقايا جثث”. كما أبلغ صحفيون غطّوا زلزالَي يونان وسيتشوان في الصين أنهم ظلوا يشعرون باهتزاز الأرض تحت أقدامهم حتى بعد توقف الكوارث بوقت طويل.
يعمل العديد من الصحفيين في مناطق حيث تتكرر الكوارث الطبيعية أو النزاعات أو الجرائم، إذ يواجهون خطر التعرّض لإصابات جسدية أو مشاكل نفسية، فضلاً عما يواجهونه من ضغوط نفسية شديدة بشكل يومي. ولحماية صحتهم النفسية، مع تمكينهم من الاستمرار في أداء واجباتهم المهنية على النحو الأمثل، ينبغي على الصحفيين ومؤسساتهم الإعلامية الإلمام أكثر بما تنطوي عليه الرعاية المُراعية لخصائص الصدمات وتجلياتها، وذلك بهدف تطوير القدرة على الصمود واكتشاف الأعراض مبكراً.
علامات الصدمة النفسية
قد يكون من الصعب اكتشاف اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): فبينما تظهر الأعراض فوراً بعد الحدث في بعض الحالات، إلا أنها قد تظهر أيضاً بعد أسابيع أو أشهر أو حتى سنوات في حالات أخرى، علماً أن الأعراض قد تكون جسدية أو نفسية، ما قد يؤثر مباشرةً على قدرة الصحفيين على القيام بعملهم.
تشمل الأعراض الجسدية الشائعة: استحضار المشاهد بشكل متكرر؛ الإرهاق الشديد والأرق؛ اضطرابات في المعدة؛ فقدان الشهية أو اضطراب في الشهية؛ الطفح الجلدي؛ زيادة في ضربات القلب؛ صعوبة في التنفس؛ النسيان (فقدان الذاكرة المتقطع)؛ الصداع؛ آلام في العمود الفقري أو الكتف أو الرقبة؛ انخفاض في استجابة الجهاز المناعي؛ اضطرابات في الدورة الشهرية.
تشمل الأعراض النفسية الشائعة: الشعور بالذنب أو العجز أو العزلة؛ انخفاض الثقة بالنفس؛ سهولة البكاء أو الغضب؛ الميل إلى المواجهة والصدام؛ العجز عن التعبير بأشكال سلمية؛ الخدران العاطفي؛ أو الإحساس بعدم القدرة على الاستمرار.
أثر أعراض الصدمة على العمل الصحفي
يمكن أن تؤثر الصدمة النفسية أيضاً على عمل الصحفي بطرق مختلفة؛ فبعد حدث يسبّب ضغطاً كبيراً، إذا عانى الصحفي ثلاثة أعراض أو أكثر من القائمة التالية ولمدة تزيد عن أسبوعين، فذلك مؤشر على معاناته من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD):
- صعوبة الابتعاد عن العمل أو التوقف عن المهام.
- الشعور بالعجز أمام مَن تُجرى معهم المقابلات.
- عدم القدرة على الالتزام بالمواعيد النهائية أو إتمام المسودات.
- التردد أو عدم الرغبة في التغطية أو إجراء المقابلات.
- صعوبة التعامل مع المشاعر أثناء العمل.
- الشعور بعدم القدرة على الاستماع لمعاناة الآخرين.
كيفية التعامل مع أعراض الصدمة
بناء الوعي الذاتي. من الصعب أحياناً التعرّف على أعراض الصدمات النفسية، علماً أن كثيراً من الأفراد قد يستمرون في التحمّل بصمت، خوفاً من أن يُنظر إلى اعترافهم بمعاناتهم على أنه ضعف. بيد أنه من المهم أن يُدرك كل شخص أن القدرة النفسية تختلف من فرد لآخر، وأن آثار الصدمات ليست موحّدة. ولذا فإن إدراك الذات بشكل أعمق قد يساعد كثيراً في فهم ردود الأفعال تجاه مختلف المواقف.
طلب المساعدة المهنية والمعرفة من جهات متخصّصة. يُوصى باللجوء إلى خدمات الدعم النفسي المتخصّصة أو التعمُّق في خصائص القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، وذلك من خلال الموارد التالية:
نبذة عن الكُتّاب:
- تشين تشان، بكالوريوس في علم النفس، ماجستير في الصحة السلوكية. عملت صحفية في بادئ الأمر، ثم انخرطت بعد ذلك في مجال حقوق الإنسان والتنمية.
- آنسل لام، ماجستير في الصحة السلوكية، مدرب تنفيذي مُعتمَد. يشتغل في مجال الصحة العامة، كما أنه منخرط في مجال حقوق الإنسان والعمل التدريبي.
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 1: الأعباء الشخصية للتغطية الإعلامية
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 3: الاعتناء بالصحة النفسية للصحفيين
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 4: الصدمة الجماعية وأثرها على إعادة تشكيل الهويّات
← يمكنكم أيضاً قراءة الجزء 5: إجراء مقابلات مع الناجين من أحداث صادمة